الأربعاء, 25 يونيو 2025
اخر تحديث للموقع : منذ 4 أيام
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مجلة الأحواز| تاريخ الأحواز... الإقليم العربي السليب

المجلة - إسراء حبيب | Tue, May 29, 2018 12:27 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< مؤرخ إيراني يعترف: قبائل «بكر بن وائل وحنظلة» العربية كانت تسيطر على الإقليم قبل ظهور الإسلام

<< رحّالة ألماني: من المؤسف أن يصوّر الأوروبيون جزءاً من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم الفرس

<< الخليج العربي ظل «حلما فارسياً» لم يتحقق إلا باحتلال الأحواز في إبريل عام 1925

 

«الأحواز» أو «الأهواز» إقليم عربي واقع تحت الاحتلال الإيراني منذ عام 1925، حيث بدأ الوجود العربي في هذا الإقليم العريق منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، على شكل مجموعات بشرية كبرى هاجرت إليه من اليمن والجزيرة العربية، ما يؤكد أن وجود العرب هناك سبق الوجود الفارسي، ولم ينقطع منذ ذلك الوقت، إذ أقامت في هذه المنطقة قبائل عربية عديدة أهمها «بني طرف وبني كعب وبني تميم» وغيرهم.

ويمتد تاريخ الأحواز إلى أكثر من 6 آلاف عام، وقد احتضن الإقليم طوال تاريخه حضارات وشهد قيام دول مختلفة عبر العصور السحيقة، كما تعرض الأحواز لغزوات وصراعات إقليمية عديدة، نظرا لما يتمتع به من موقع استراتيجي مهم، وموارد طبيعية هائلة كانت سببا مباشرا في وقوعه تحت الاحتلال الإيراني منذ عام 1925 حتى هذه اللحظة.

وأول تاريخ مدوّن عن الأحواز يبدأ من عهد «العيلاميين» الذين حكموا الإقليم حوالي عام 4000 ق. م، واكتسحوا المملكة الأكادية واحتلوا عاصمتها «أور»، ثم خضعت المنطقة لسيطرة البابليين والآشوريين، على التوالي، ثم غزاه الفرس بقيادة الملك «قورش» عام 539 ق. م، وقاموا بشن حملة إبادة ضد العرب من سكان الإقليم الأصليين الذين كانوا آنذاك قبائل متفرقة، فصعب عليهم التجمع لمواجهة الفرس، إلا في أوقات قليلة مثل معركة «ذي قار» التي انتصر فيها العرب على أعدائهم.

مؤرخ إيراني: الأحواز عربية

يعترف المؤرخ الإيراني الدكتور أحمد كسروي بأن «القبائل العربية المتحدرة من بكر بن وائل وبني حنظلة كانت تسيطر على الإقليم قبل ظهور الإسلام، ثم خضعت هذه القبائل لحكم المناذرة بقيادة الملك النعمان بن المنذر، من سنة 368م إلى 633 م. وبعد الفتح الإسلامي انحلت هذه القبائل في نظيراتها من القبائل العربية الأكثر عددا، والتي استوطنت المنطقة في السنوات الأولى للفتح الإسلامي بعد على الإمبراطورية الفارسية».

من جانبه، يقول الرحاّلة الألماني «كارستن نيبور» الذي جاب شبه الجزيرة العربية عام 1762م: «لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل على المستعمرات التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية، فهي أقرب إليها، أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس، المتحالفين على الغالب مع الشيوخ المجاورين، أو الخاضعين لهم، ومن المؤسف أن يصور الجغرافيون الأوروبيون جزءاً من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر في بلادهم الخاصة. لكنهم تحملوا - على مضض- أن يبقى هذا الساحل ملكاً للعرب».

ويضيف «نيبور»: «لقد أخطأ جغرافيونا الأوروبيون عندما روجوا لمغالطات تاريخية صورت لنا جزءاً من الجزيرة العربية خاضعا لحكم الفرس، لأن العرب هم الذين يمتلكون - خلافاً لهذا المعتقد- جميع السواحل البحرية للإمبراطورية الفارسية، من مصب الفرات إلى مصب الإندوز في الهند. صحيح أن المستعمرات الواقعة على السواحل الفارسية لا تخص الجزيرة العربية ذاتها، ولكن بالنظر إلى أنها كانت مستقلة تماما عن بلاد الفرس، ولأن لأهلها لسان العرب وعاداتهم، وإن كان يستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب هذه المستعمرات على الساحل».

وظل إقليم الأحواز منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة العباسية، وتابعاً لولاية البصرة إداريا، حتى أيام الغزو المغولي. وبعد هزيمة المغول على أيدي مماليك مصر، نشأت الدولة «المشعشعية» العربية (1436-1724م)، واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها التام. ثم نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها التام حتى الاحتلال الإيراني للإقليم العربي العريق.

أخصب أرض.. وأفقر شعب

يضم الأحواز أخصب الأراضي في منطقة الخليج العربي، ورغم ذلك يعيش فيها أفقر شعب، وتمتد هذه الأراضي على طول الساحل الشرقي للخليج، من شماليّ شط العرب شمالاً إلى مضيق هرمز جنوباً، وذلك على امتداد (850) كم، وعرض (150) كم، وهي الأراضي الخصبة التي تتماثل - طبوغرافياً- مع الأراضي العراقية والعربية المجاورة، فيما تفصل بينها وبين بلاد فارس سلسلتا جبال زاغروس وجبال بختياري. وهو ما يعني – بوضوح- أن إيران ليس لها أي ساحل على الخليج العربي، الذي بقي حلما فارسياً لم يتحقق، إلا باحتلال الأحواز العربية في إبريل عام 1925، عندما وقع الشيخ خزعل الكعبي آخر أمراء الإقليم ضحية مكيدةٍ «بريطانيةٍ-فارسية»، حين دُعِيَ إلى حفل على متن يخت بريطاني في شط العرب، حيث تم اعتقاله مع مرافقيه من قِبل مجموعة من الضباط البريطانيين والفرس، واقتيد إلى سجن في طهران، فيما بدأت قوات الشاه رضا خان بهلوي بالهجوم العسكريّ واحتلال الأحواز بمساعدةٍ بريطانيّة.

وبعد عام 1920، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع الفرس على إقصاء أمير الأحواز وضم الإقليم إلى إيران، حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى الفرس على طبق من ذهب، بعد اعتقال «الأمير خزغل» على ظهر طراد بريطاني، خاصة بعد أصبحت الأحواز وعاصمتها «المحمرة» محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران، وتنافس ضاري من قبل القوى للسيطرة على المنطقة، إثر تفكك وانهيار الدولة العثمانية.

وبعد ظهور النفط في الأحواز عام 1908 وانتصار الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 وانتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 بانتصار بريطانيا وحلفائها في الحرب على حساب الدولة العثمانية، برزت أطماع رضا مير بنج البهلوي التوسعية في الأحواز. وأسهمت الاختلافات الداخلية في الإقليم وقتها في تعزيز هذه الأطماع وساعدت على احتلال الأحواز عسكريا عام 1925. بعد تلك المتغيرات الإقليمية والعالمية الكبرى تغيرت المصالح والتحالفات. فبعد ما كان الأمير خزعل الكعبي أهم حلفاء بريطانيا في حربها العالمية الأولى، تخلت عنه وقدمت الأحواز على طبق من ذهب لحليفها الجديد رضا بهلوي، خوفا من الزحف الروسي إلى مياه الخليج العربي وثرواته، لتبنى سدا منيعا بتأسيس دولة إيران الحديثة بثروات الأحواز.

وكان أهم هدف لبريطانيا من التحالف مع الشاه رضا بهلوي هو احتواء النفوذ الروسي من جهة، وكسب إيران كحليف استراتيجي خشية سقوط الأحواز في أحضان الروس بعد اندلاع الثورة البلشفية في البلاد، وسعيها إلى التمدد إقليميا على حساب مستعمرات الدول الكبرى وقتها.

وكان السبب الأساسي لاحتلال إيران لهذه المنطقة يرجع إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز والأراضي الزراعية الخصبة، حيث إن بها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر «كارون»، الذي يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه مدينة الأحواز، المنتج الرئيس لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران اليوم.

وقد استخدم النظام الإيراني شتى الأساليب للقضاء على الشعب العربي في هذا الإقليم، وإبعاده عن الأمة العربية، فحرَّم عليه استعمال اللغة العربية، وارتداء الزي العربي، وفرض عليه حصارا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا أدى إلى تدهور أوضاع هذا الشعب إلى درجة لا مثيل لها في العصر الحديث، هذا إلى جانب حرب الإبادة والاضطهاد التي تشنها سلطات نظام الملالي العنصرية بين الحين والآخر.

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت