<< هتافات المتقاعدين في مؤسسة صناعية بأصفهان: لو نقصت «الاختلاسات» حالة واحدة ستُحل كل مشكلاتنا!
<< 900 شخص اغتصب طيران الجيش أراضيهم في تبريز: هل هذا الظلم مقبول في «الحكومة الإسلامية»؟
<< المراقبون: هناك نار من الاستياء والغضب تحت الرماد في المجتمع الإيراني الذي ينتظر اشتعال هذه النار
تقرير – غازي أحمد
على النقيض من إعلان نظام الملالي عن نجاحه في قمع موجة الانتفاضات العارمة التي ضربت البلاد مؤخرا، فجرت طوائف الشعوب الإيرانية التي تصارع الفقر والمشكلات المتزايدة يوما بعد يوم، موجة جديدة من الإضرابات والمظاهرات والاحتجاجات ضد النظام، في مناطق متفرقة من البلاد خلال يناير الماضي، وهو الأمر الذي يحاول الملالي التعتيم عليه إعلاميا لكي يُظهر للعالم كذبا أن البلاد باتت «مستقرة».
وفي هذا الصدد، استمر إضراب عمال القطاع الزراعي في شركة «هفت تبه» لصناعة السكر، احتجاجا على تأخر صرف ثلاثة شهور من رواتبهم. كما انضم عمال القطاعات الأخرى في الشركة إلى المحتجين الغاضبين، وتجمهروا أمام مكتب الإدارة وأغلقوا بوابات ساحة الزراعة ومنعوا خروج الشاحنات المحملة بالمنتج، رغم أن قوات الأمن شنت حملات ضارية على المعمل وسيطرت عليه واعتقلت عددا من المضربين في محاولة لإنهاء الاحتجاجات المستمرة.
من جهة ثانية، وفي إطار الاحتجاجات المستمرة، حطّم المواطنون المنكوبون من الزلزال المدمر الذي وقع بمنطقة «كوهبنان» في محافظة كرمان، باب القائممقامية ودخلوا المبنى، احتجاجا على الوعود المخادعة والتصريحات الكاذبة التي أطلقها الرئيس حسن روحاني، في إطار الاهتمام الحكومي بالمناطق المنكوبة بالزلزال.
وحمل المحتجون لافتات كتبوا عليها «كوهبنان لا تحتاج إلى الكذب بل إلى العمل» و«هل يمكن بناء منزل بـ 35 مليون تومان (حوالي 7500 دولار)؟»، مؤكدين أن الفقراء المحرومين من ضحايا الزلزال في هذه المنطقة، مازالوا يقيمون في العراء رغم البرد الشديد، معاناة شديدة بسبب نقص الدعم الحكومي وغياب المقومات الأساسية للحياة.
لا للفساد والاختلاسات
من جهة أخرى، تجمهر عدد كبير من المتقاعدين الذين كانوا يعملون في مؤسسة صناعة الفولاذ بمدينة أصفهان أمام دائرة التقاعد، بسبب عدم صرف رواتبهم التقاعدية منذ شهر سبتمبر الماضي، وهتفوا «لو نقصت حالة واحدة من الاختلاسات ستحل كل مشكلاتنا»!
فيما قامت مجموعة من أصحاب الأراضي المغتصبة من قبل طيران الجيش في تبريز، بتنظيم تجمع احتجاجي وزعوا خلاله منشورات جاء فيها «اغتصب طيران الجيش قبل 20 عاما أراضينا نحن 900 شخص من أصحاب الدخل المحدود، وكنا قد اشتريناها من منظمة الأوقاف، وتصرف طيران الجيش بحقنا تصرفا عدوانيا. ورغم أن المحكمة أصدرت حكما على منسوبي الجيش، إلا أن دائرة تنفيذ الأحكام تتملص من تنفيذ الحكم.. هل هذا الظلم مقبول في الحكومة الإسلامية؟».
يأتي ذلك، فيما احتشد أكثر من 200 من العاملين في معمل «كيان تاير» أمام وزارة الصناعة والمعادن للاحتجاج على عدم دفع الرواتب والعلاوات المتأخرة. وأكد العمال أنهم لم يستلموا علاواتهم النقدية لمدة شهرين، وكذلك رواتب للعمل الإضافي لمدة أربعة أشهر، وقاوم العمال المحتجون عناصر الحراسة الذين حاولوا تفريقهم، ورددوا هتافات كثيرة منها «أصحاب الصناعة بالأمس.. مشردون اليوم».
وإلى ذلك، تجمع موظفون مفصولون عن العمل من مؤسسة «كاسبين» الحكومية في مدينة مشهد أمام فرع المؤسسة، للاحتجاج على فصلهم عن العمل دون سند قانوني، مؤكدين أنهم عملوا سنوات طويلة وتم الاستغناء عنهم بشكل مفاجئ، رغم أنهم لم يرتكبوا أي أخطاء، وذلك بحجة نقص التمويل وتعرض المؤسسة لخسائر فادحة خلال الأعوام الأخيرة.
وتجمهر عدد من أهالي بحارة ناقلة النفط «سوجي» الذين فقدوا أرواحهم في حادث احتراق السفينة، أمام مجلس شورى النظام في طهران، وطالبوا بإعادة جثامين البحارة إلى إيران، وهو ما قابلته قوات الأمن بعنف، حيث اعتقلت عددا من المتجمهرين، وفضت التجمهر بالقوة.
واحتشد الشباب العاطلون عن العمل في منطقة «عقدا» بمدينة أردكان التابعة لمحافظة يزد، أمام مصنع اعادة تصنيع الحديد الخردة، مطالبين بتوظيفهم وانتشالهم من هوة البطالة التي سقطوا فيها منذ سنوات.
وفي طهران نفسها، تجمهر عدد من المهندسين المتخرجين أمام وزارة العلوم احتجاجا على «انحطاط قيمة الشهادة الجامعية». وقدم المحتجون من محافظات مختلفة مثل إيلام، واردبيل، وهمدان، والبرز، ومازندران ومركزي إلى العاصمة، مؤكدين أنهم عاطلون عن العمل منذ تخرجهم في عام 2011 حتى هذه اللحظة.
واحتج العمال أصحاب الأسهم في مشروع السكن المقام لمصلحة نقل الركاب في طهران وضواحيها، بسبب التأخر في تسليم منازلهم ضمن المشروع لمدة خمس سنوات، مطالبين بتسلم بيوتهم أو إعادة الأموال التي سددوها، ولم يتم حسم هذه المشكلة حتى الآن.
نار تحت الرماد
يؤكد المراقبون أن هناك نارا من الاستياء والغضب تحت الرماد في المجتمع الإيراني المعاصر، وأن جميع أطياف هذا المجتمع باتت تنتظر في كل لحظة اشتعال هذه النار، وأن تندلع النيران حاملة معها رياح الخلاص والحرية، لتطال هؤلاء الملالي الفاسدين بلهيب الغضب الساطع، وتُسقطهم من سدة الحكم.
ويشير المراقبون إلى هناك إمكانية لتجدد الانتفاضة العارمة في كل أرجاء إيران ضد مؤسسات النظام برمته، وضد عفريت الفساد والدمار والهلاك، حيث لا يراهن المواطنون على «الإصلاحيين» الحكوميين المزيفين ممن عملوا على الاحتفاظ بالنظام خلال سنوات طويلة، ولقد نما في عقول الإيرانيين برعم الثورة، ما يعني أن نظام الملالي سوف يسقط لا محالة.
من جانبه، قال الكاتب عباس سناني «إن الانتفاضة المستمرة في إيران هي نتاج صراع لا هوادة فيه لمدة 40 سنة، بين المقاومة المنظمة وهذا النظام، والذي قدمت خلاله المقاومة الإيرانية أكثر من 120 ألف شهيد، لتبقي شعلة المقاومة مشتعلة ومتقدة، وفي الوقت الحالي تجتمع العوامل المساعدة الداخلية والاقليمية والدولية من حيث فشل الاتفاق النووي مع القوى الكبرى وتشديد العقوبات الاقتصادية، وفقدان النظام القدرة على حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشائكة في البلاد، فضلا عن التفاقم النوعي للحرب بين العصابات والفرق الداخلية لهذا النظام، والأهم من هذا كله هو نفور غالبية الشعوب الإيرانية من هذا النظام، واستعداد شباب الوطن الغيورين لدفع الثمن وتقديم الغالي والنفيس في سبيل إسقاط هذا النظام الديني المستبد والوصول إلى تشكيل مجتمع ديمقراطي ومتقدم».
وفي مقال بعنوان «2018 عام التغيير في إيران»، قال الكاتب محمد حسين المياحي «ونحن في مطلع عام 2018، ظهر جليا للعالم أن أزمات النظام قد تجاوزت الحدود المألوفة، بل إنها خرجت من دائرة سيطرة النظام عليها، ولذلك فإن معالم الأوضاع في إيران بالغة السلبية قد بدأت تتجسد بصورة لا يمكن للنظام إخفاءها أو التستر عليها، ووصل الأمر حد المواجهة والخلاف المباشر بين أعلى رموز النظام، ما جسّد جانبا من الصراع المنفلت على السلطـة في البلاد، وأكدت للعالم كله أن حكام إيران ما هم - في حقيقة أمرهم- إلا مجموعة من شذاذ الآفاق وقُطّاع الطرق، ومن غرائب الصدف أن تصاعد الخلاف والصراع في داخل النظام يقترن مع انتفاضة الشعوب الإيرانية التي انطلقت في 28 من يناير الماضي، ولازالت مستمرة، داعية إلى إسقاط النظام كسبيل وحيد للتغيير وبناء نظام جديد يعبر عن إرادة الإيرانيين حقا».

